حياة-زوجية
بين الحب والشك… كيف نميّز الغيرة الطبيعية عن الغيرة المرضية في الحياة الزوجية؟
الغيرة شعور بشري طبيعي يختبره معظم الأزواج، فهي في بعض الأحيان انعكاس للحب والاهتمام، وقد تمنح العلاقة دفئًا خاصًا إذا كانت ضمن الحدود المعقولة. لكن في المقابل، عندما تتجاوز الغيرة حدودها الطبيعية وتتحول إلى مراقبة مفرطة أو شك دائم، تصبح عبئًا يهدد استقرار الحياة الزوجية وسعادتها. هنا يبرز السؤال الأهم: كيف نميز الغيرة الصحية عن الغيرة المَرَضية، وكيف نتعامل مع كل منهما؟
1- الغيرة الطبيعية: لمسة حب تعزز العلاقة
الغيرة الطبيعية تنشأ من الحرص على الشريك والشعور بقيمته في حياتنا. قد تظهر عند رؤية الزوج أو الزوجة يحظى باهتمام من الآخرين، أو عند مشاركة الوقت مع أشخاص خارج إطار العلاقة. هذه الغيرة غالبًا ما تكون عابرة، لا ترافقها تصرفات سلبية، بل تدفع الطرف الآخر للتعبير عن مشاعره بصدق، وإعادة تأكيد الحب والالتزام.
مثال: أن يعبّر الزوج لزوجته عن انزعاجه اللطيف عندما يراها تتزين للخروج، فيتحول الموقف إلى مساحة للتقارب والاهتمام بدل النزاع.
2- الغيرة المَرَضية: عندما يتحول الحب إلى عبء
على العكس، الغيرة المَرَضية تنبع من فقدان الثقة بالنفس أو ضعف الثقة بالشريك. تتجسد في الشك المستمر، مراقبة الهاتف ووسائل التواصل، الاستجواب المبالغ فيه، ومحاولة السيطرة على حرية الطرف الآخر. هذه الغيرة لا تعبّر عن حب بقدر ما تكشف عن قلق داخلي وخوف من الفقدان، وقد تؤدي مع الوقت إلى انهيار العلاقة.
مؤشرات الغيرة المَرَضية:
- توجيه اتهامات متكررة بلا دليل.
- تقييد الحرية الشخصية للطرف الآخر.
- الشعور الدائم بالتهديد حتى من العلاقات البريئة.
3- كيف نواجه الغيرة ونحوّلها إلى طاقة إيجابية؟
- الحوار الصريح: مشاركة المشاعر دون لوم أو اتهام يساعد على إزالة سوء الفهم.
- تعزيز الثقة: تذكير الطرف الآخر بالمحبة والالتزام يقلل من القلق الداخلي.
- تطوير الذات: الغيرة المَرَضية غالبًا ما ترتبط بعدم الرضا عن النفس، لذلك يساعد الاهتمام بالهوايات والنجاحات الفردية على تقوية الثقة الشخصية.
- طلب المساعدة المتخصصة: في حال تحولت الغيرة إلى سلوك مؤذٍ أو هوس، يمكن اللجوء إلى استشارة مختص نفسي أو مرشد أسري.
الغيرة قد تكون جسرًا يربط بين القلوب إذا بقيت ضمن إطارها الطبيعي، وقد تتحول إلى جدار يفصل بين الأزواج إذا تجاوزت الحدود. السر يكمن في إدراك الفارق بين الغيرة الطبيعية والغيرة المَرَضية، والتعامل معها بنضج ووعي، ليبقى الحب شعورًا مطمئنًا لا سيفًا مسلطًا على العلاقة.